منتصر الزيات والنقيب عبد الحليم علام: حين تنتصر المصلحة العامة على الخصومة الشخصية

حين تنتصر المصلحة العامة على الخصومة الشخصية

في زمن تتضارب فيه المصالح وتُستغل فيه المواقع لتحقيق مكاسب شخصية أو انتصارات ضيقة، يخرج علينا الأستاذ منتصر الزيات، المحامي بالنقض، بموقف فريد يجسّد مفهوم الولاء للمهنة لا للأشخاص، ويعيد تعريف ما يجب أن يكون عليه دور رجل القانون تجاه نقابته، حتى وإن تعرض للتجاهل أو الإقصاء.

الاستاذ منتصر الزيات

موقف نابع من المبدأ لا من العلاقة

يفتتح الأستاذ الزيات بيانه بالإجابة عن تساؤلات العديد من الزملاء حول دعمه للنقيب الحالي عبد الحليم علام، رغم غياب أي علاقة شخصية أو مهنية تربطه به. بل ويستفيض في عرض أمثلة واضحة تؤكد أن التواصل بينهما نادر ولا يتجاوز المناسبات العامة، وأنه لم يُدعَ لأي فعالية نقابية مهمة أو يُكلَّف بأي دور في قضايا تمس المحامين، بل وحتى حين واجه قضية جنح السادات، لم يجد من النقيب تضامنًا يُذكر.

ورغم هذا كله، يُفاجئ الزيات الجميع بإعلانه دعمه الكامل للنقيب، مما يثير تساؤلًا جوهريًا: لماذا يدعمه إذًا؟

الشرعية والشفافية قبل المجاملة

يرى الزيات أن انتخاب النقيب عبد الحليم علام تمّ بإرادة حرة من جموع المحامين، دون شبهة تزوير، وهو ما يمنحه شرعية حقيقية تستوجب الاحترام، بغض النظر عن الأداء أو طبيعة العلاقات الشخصية. في هذا السياق، يُذكرنا الزيات أن احترام نتائج الصناديق هو أحد الأعمدة الأساسية في بناء نقابات مهنية قوية، ويؤسس لثقافة تداول السلطة واحترام القواعد الديمقراطية داخل المجتمع النقابي.

نظافة اليد وغياب الشبهات

أحد أهم الأسباب التي يسوقها الزيات لتأييده هو نظافة يد النقيب و"طهارة ذمته"، وهي خصال نادرة في المناخ العام الذي تشوبه الشكوك حول الذمم والإدارة المالية في كثير من المؤسسات. ويُبرز الزيات أن هذه السمة في حد ذاتها تكفي لتمثل قاعدة دعم قوية، خاصة في ظل أزمات تتطلب الثقة في متخذ القرار النقابي.

تحفّظ مشروع على الدوائر المحيطة

مع تأييده للنقيب، لم يغفل الأستاذ الزيات عن تسجيل ملاحظاته المهمة بشأن بعض الشخصيات المحيطة بعلام، ممن قال إنهم "جاءوا باختيارات أمنية" وليس عبر صناديق المحامين، وهو ما يُضعف قدرتهم على تقديم النصح الحقيقي ويُثير تساؤلات حول نواياهم. كما يلمّح إلى تصرفات مالية غامضة حدثت في عهد النقيب السابق مجدي سخي، لم تُفتح بشأنها تحقيقات جادة، ما يعزز الحاجة إلى إصلاح هيكلي شفاف في الإدارة النقابية.

أولوية المصلحة العامة وتحديات المرحلة

يضع الزيات النقاط على الحروف عندما يذكر أن الظروف الحالية تحتم الاصطفاف المهني لمواجهة تحديات كبرى، أبرزها:

  • أزمة الرسوم المتزايدة على الخدمات المميكنة.
  • المخاوف من قوانين ضريبية جديدة قد تُرهق المحامين ماليًا.
  • ضرورة إعادة هيكلة السياسات النقابية لتخدم المحامي في جميع المحافظات، لا النخبة فقط.

ويرى أن هذه التحديات تتطلب دعم من يعمل "وفق أجندة نقابية"، حتى وإن كان هناك تحفظ على بعض التفاصيل.

الخاتمة: درس في المهنية والانتماء

في نهاية مقاله، يُوجّه منتصر الزيات رسالة واضحة: لن ندعم الأشخاص من أجل المصالح، بل ندعم من يمثل النقابة بشرف، وإن لم يكن بيننا ودٌ أو تواصل. إنها رسالة تعكس وعيًا عاليًا بالمسؤولية، وتُقدّم نموذجًا يُحتذى في كيفية إدارة الخلاف داخل الكيانات المهنية.

هذا الموقف يدفعنا جميعًا، كمحامين أو متابعين للشأن العام، إلى إعادة النظر في مفهوم الدعم والاصطفاف النقابي: هل نؤيد الأشخاص لمجرد صلات شخصية؟ أم ندعم من نرى فيه القدرة على قيادة المرحلة بكفاءة ونزاهة؟

إن مقال الأستاذ الزيات ليس مجرد دفاع عن شخص، بل هو مرافعة أخلاقية لصالح القيم، تذكّر الجميع أن النقابة ملك للمحامين جميعًا، لا لأشخاص بعينهم.



إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال